ﺍﻠﻤﻜﺘﻭﺒﺎﺕ | المكتوب السادس والعشرون | 500
(497-510)

الارض ويثبتها في العرش المعنوي، وبذلك وحده ينجو من ظلمات الكفر واوهامه ويبلغ نور الايمان ويدركه، وهذا أمر عسير قلّما يوفق المرء اليه في هذا الزمان، ومن هنا يفقد الكثيرون في هذا الزمان ايمانهم بدسيستك الملفعة باسم المحاكمة العقلية الحيادية.
انبرى الشيطان قائلاً:
- ان سياق الكلام في القرآن شبيه بكلام البشر، فهو يجري محاوراته في اسلوب محاورة البشر، فاذاً هو كلام بشر! اذ لو كان كلام الله، لكان خارقاً للعادة في كل جهاته، بما يليق بالله، ولا يشبه كلام البشر، مثلما لا تشبه صنعة الله صنعة بشر!
فقلت جواباً:
- ان رسولنا الاعظم y ظل في طور بشريته في افعاله واحواله واطواره كلها - فيما سوى معجزاته وخصائصه - فانقاد انقياد طاعة لسنن الله واوامره التكوينية، كأي انسان آخر. فكان يقاسي البرد ويعاني الالم.. وهكذا لم يوهب له خوارق غير عادية في احواله واطواره كلها، وذلك ليكون قدوة للامة بافعاله، ومرشداً لهم باطواره، وهادياً للناس كافة بحركاته وسكناته. اذ لو كان خارقاً للعادة في كل اطواره لَمَا تسنّى له ان يكون اماماً للناس كافة، وقدوة لهم في جميع شؤونه بالذات، ولَمَا كان مرشداً للناس كافة، ولما كان رحمةً للعالمين في جميع احواله.
كذلك الامر في القرآن الحكيم، اذ هو إمام أرباب الشعور ومرشد الجن والانس وهادي الكاملين ومعلم اهل الحقيقة، فالضرورة تقتضي ان يكون على نمط محاورة البشر واسلوبه، لأن الانس والجن يستلهمون مناجاتهم منه، ويتعلمون دعواتهم منه، ويذكرون مسائلهم بلسانه، ويتعرفون منه اداب معاشرتهم.. وهكذا يتخذه كل مؤمن به، إماماً له ومرجعاً يرجع اليه.
فلو كان القرآن على نمط الكلام الإلهي الذي سمعه سيدنا موسى عليه السلام في (جبل الطور) لما اطاق البشر سماعه ولا قَدَر على

لايوجد صوت