نومكم سباتا﴾(سورة النبأ:9).. وكذلك الرؤيا التي رآها يوسف عليه السلام ـ التي هي أساس مهم لسورة يوسف ـ تبين أن حقائق جليلة تستتر وراء حجبٍ في النوم والرؤيا.
النكتة الثانية: ان اهل الحقيقة لايحبذون استخراج الفأل من القرآن الكريم. ولايميلون الى الاعتماد على الرؤيا: لأن القرآن الكريم يزجر الكفار بكثرة زجراً شديداً، وقد يقابل المتفئل بالقرآن تلك الآيات الزاجرة فتورثه اليأس ويضطرب قلبه ويقلق.
وكذا الرؤيا قد تظهر بما يخالف الواقع والحقيقة فيتصورها الانسان شراً رغم انها خير، فتدفعه الى سوء الظن والسقوط في اليأس، ونقض عرى قواه المعنوية. فهناك كثير من الرؤى ظاهرها مخيف، مضر، قبيح، إلاّ أن تعبيرها حسن جداً، ومعناها جميل. وحيث ان كل انسان لايستطيع ان يجد العلاقة بين صورة الرؤيا وحقيقة معناها، فيقلق ويحزن ويضطرب دون داع.
ولاجل هذه الأمور قلتُ في صدر البحث كالامام الرباني وكما يقول أهل التحقيق العلمي: نة شبم نة شب ثرستم
النكتة الثالثة: لقد ثبت في الحديث الصحيح ان الرؤيا الصادقة جزء من أربعين جزءاً من النبوة(1). بمعنى ان الرؤيا الصادقة حق، ولها علاقة بمهمات النبوة.
وهذه المسألة الثالثة مهمة للغاية وطويلة وعميقة، ولها علاقة بوظائف النبوة، لذا نؤجلها الى وقت آخر بمشيئة الله ونسد هذا الباب.
النكتة الرابعة: الرؤيا على انواع ثلاثة: اثنان منها داخلان ضمن (أضغاث احلام) كما عبّر عنها القرآن الكريم، وهما لايستحقان التعبير ولاأهمية لهما، وان كان لهما معنى. إذ إما ان الرؤيا ناشئة من
-------------------------
(1) حديث (رؤيا المؤمن جزء من اربعين جزءاً من النبوة) أخرجه الخطيب البغدادي في الموضح 2/333. وقد وردت احاديث كثيرة بطرق اخرى منها (رؤيا المؤمن جزء من ستة واربعين جزءاً من النبوة) صحيح البخاري / كتاب التعبير، مسلم / كتاب الرؤيا، ابي داود (5018)، ابن ماجة (3914) مالك (تنوير الحوالك 3/130) الديلمي في الفردوس (3288).ــ المترجم.