من هذا النوع من الاحساس بصورة فائقة، فأردتُ أن أضع تلك الحالة ضمن قاعدة واضبطها في دستور، ولكن لم اُوفّق ولم استطع ذلك. ولكن لدى اهل التقوى والصلاح ولاسيما الاولياء الكرام يزداد هذا الإحساس قوة ويبين آثاراً ذات كرامة.
وهكذا، ففي الرؤيا الصادقة نيلٌ لنوع من الولاية لعوام الناس اذ يرون فيها بعض الأمور المستقبلية والغيبية كما يراها الأولياء.
وكما ان النوم من حيث الرؤيا الصادقة في حكم مرتبة من مراتب الولاية لدى العوام، كذلك فهي للناس عامة متنزه جميل، رائع لرؤية مشاهد حوادث ربانية ـ كمشاهد السينما ـ ولكن مَن كان ذا خلق حسن فانه يفكر تفكيراً حسناً فيرى ألواحاً جميلة ومناظر حسنة، بعكس السئ الخلق الذي لايتصور الاّ السيئات لذا لايرى الاّ المناظر السيئة والقبيحة.
وكذلك؛ فالنوم نافذة تطل على عالم الغيب من عالم الشهادة، وهو ميدان طليق للناس المقيدين الفانين.وينال نوعاً من البقاء حتى يكون الماضي والمستقبل في حكم الحاضر. وهو موضع راحة لذوي الأرواح الذين ينسحقون تحت المشاق وتكاليف الحياة المرهقة.
ولاجل هذه الاسرار وأمثالها يرشد القرآن الكريم الى حقيقة النوم في آيات عديدة، كقوله تعالى ﴿وجعلنا نومكم سباتاً﴾ (النبأ: 9).
النكتة السادسة: وهي المهمة:
لقد بلغت عندي مبلغ اليقين القاطع، و ثبت بكثير من تجاربي الحياتية ان الرؤيا الصادقة حجة قاطعة على ان القدر الآلهي محيط بكل شئ.
ولقد بلغت عندي هذه الرؤى ـ ولاسيما في السنين القريبة الفائتة ـ درجة الثبوت والقطعية. اذ كنت أرى ليلاً أبسط المحاورات، وأتفه المعاملات، وأصغر الامور التي ستقع غداً. فكنت أقرأها ليلاً بعيني، لاأتكلم بها بلساني، حتى ايقنت ان الرؤيا مكتوبة ومعينة قبل مجيئها.