تمثلات الروحانيين - كالملائكة - تُظهر ايضاً خواصها في المرايا المختلفة في عالم المثال، فهي عين اولئك الروحانيين وليست غيرهم. فالملائكة يتمثلون في المرايا حسب قابليات المرايا، فمثلاً:
عندما كان جبرائيل عليه السلام يتمثل امام الرسول y في مجلس الصحابة الكرام رضوان الله عليهم في صورة الصحابي (دحية الكلبي) كان يتمثل في اللحظة نفسها في الوف الاماكن في صور مختلفة، كما يسجد تحت العرش الاعظم مطبقاً الآفاق باجنحته الواسعة المهيبة شرقاً وغرباً، فله اذاً تمثل في كل مكان حسب قابلية ذلك المكان، وله حضور في آن واحد في الوف الأماكن.
وهكذا، فحسب هذا المسلك: ليس محالاً قط، ولا هو بأمر فوق المعتاد، ولا هو أمر غير معقول، ان يتعرض مثال ملك الموت المتمثل للانسان عند قبض روحه - وهو مثال جزئي انساني - الى لطمة سيدنا موسى عليه السلام وهو الشخصية العظيمة المهيبة من اولي العزم من الرسل، ثم فقؤه لعين تلك الصورة المثالية لملك الموت، الذي لبس زي تلك الصورة.
المسلك الثاني هو:
ان الملائكة العظام من أمثال سيدنا جبرائيل وميكائيل وعزرائيل عليهم السلام، كل منهم بمثابة ناظر عام ورئيس، لهم أعوان من نوعهم وممن يشبهونهم، ولكن بطراز اصغر، فهؤلاء المعاونون الصغار مختلفون حسب اختلاف المخلوقات الموكلين بهم. فالذين يقبضون ارواح الصالحين(1) يختلفون عن الذين يقبضون ارواح الطالحين، فهم طوائف مختلفة من الملائكة بمثل ما تشير اليه الآيات الكريمة:﴿والنازعات غرقا والناشطات نشطاً..﴾
----------------------
(1) عندما كان احد الأولياء العظام في منطقتنا وهو الملقب بـ (سيدا) يعاني سكرات الموت وحضره ملك الموت الموكل لقبض روحه، استنجد بالله واستغاثه وصرخ قائلاً: (ليقبض روحي من هو الموكل لقبض ارواح طلاب العلوم، فانا احبهم حباً شديداً). وقد شهد على الحادثة من كان حاضراً ساعة وفاته.ــ المؤلف.