الأوحال.. استنجد، وبحث عن طريق، وتحرى عن منقذ يأخذ بيده.. رأى السبل أمامه مختلفة.. حار في الأمر واخذ كتاب (فتوح الغيب) للشيخ عبد القادر الكيلاني رضي الله عنه وفتحه متفائلاً، ووجد امامه العبارة الآتية:
أنت في دار الحكمة فاطلب طبيباً يداوي قلبك..(1) يا للعجب!. لقد كنت يومئذ عضواً في (دار الحكمة الاسلامية)(1) وكأنما جئت اليها لأداوي جروح الأمة الإسلامية، والحال انني كنت أشد مرضاً واحوج الى العلاج من أي شخص آخر.. فالأولى للمريض أن يداوي نفسه قبل أن يداوي الآخرين.
نعم، هكذا خاطبني الشيخ: انت مريض.. ابحث عن طبيب يداويك!..
قلت: كن انت طبيبي أيها الشيخ!
وبدأت أقرأ ذلك الكتاب كأنه يخاطبني أنا بالذات.. كان شديد اللهجة يحطم غروري، فأجرى عمليات جراحية عميقة في نفسي.. فلم اتحمل، ولم اطق على تحمله.. لأني كنت اعتبر كلامه موجهاً الي.
نعم، هكذا قرأته الى ما يقارب نصفه.. لم استطع اتمامه.. وضعت الكتاب في مكانه، ثم احسست بعد ذلك بفترة بأن آلام الجراح قد ولت وخلفت مكانها لذائذ روحية عجيبة.. عدت اليه، وأتممت قراءة كتاب (استاذي الأول). واستفدت منه فوائد جليلة، وامضيت معه ساعات طويلة اصغي الى اوراده الطيبة ومناجاته الرقيقة.
ثم وجدت كتاب(مكتوبات) للأمام الفاروقي السرهندي، مجدد الألف الثاني فتفاءلت بالخير تفاؤلاً خالصاً، وفتحته، فوجدت فيه عجباً.. حيث ورد في رسالتين منه لفظة(ميرزا بديع الزمان) فأحسست كأنه يخاطبني باسمي، اذ كان اسم ابي(ميرزا) وكلتا الرسالتين كانتا موجهتين الى
----------------------
(1) أصل العبارة:(يا عباد الله أنتم في دار الحكمة، لابد من الواسطة، اطلبوا من معبودكم طبيباً. يطبّ امراض قلوبكم مداوياً يداويكم...)وذلك في المجلس الثاني والستين ص245 من كتاب الفتح الرباني الذي كان مطبوعاً في طبعاته الاولى مع كتاب فتوح الغيب في مجلد واحد موسوم بـ(فتوح الغيب)- المترجم.
(1) وهي اعلى مجلس علمي تابع للمشيخة الاسلامية في الدولة العثمانية. - المترجم.