ﺍﻠﻤﻜﺘﻭﺒﺎﺕ | المسألة الثالثة | 529
(524-533)

فوق شجرة القطران. أكلنا من تلك الهدية الغيبية يومين كاملين (في الوقت الذي ما كنت املك شيئاً اقدمه لضيفي).
الثاني: وهو مسألة في غاية الجزئية واللطافة قد حدثت في هذه الأيام وهي:
ورد لخاطري قبل الفجر ان كلاماً من جهتي قد قيل لشخص، بصيغة تُلقي في قلبه الريوب والشبه، فقلت: حبذا لو رأيته لأزيل ما بقلبه من اكدار. وفي الدقيقة نفسها تذكرت ما كان يلزمني من جزء من كتابي المرسل الى مدينة (نيس)(1) فقلت: حبذا لو حصلت عليه. جلست بعد صلاة الفجر.. واذا بالشخص نفسه وفي يده جزء من كتابي الذي كنت اريده فدخل علي. فقلت له:
- ما هذا الذي بيدك؟
- لا اعرف، فقد سلمني هذا الكتاب في الباب احدُهم كان قادماً من (نيس)، وانا ايضاً اتيت به اليكم.
فقلت متعجباً: يا سبحان الله. ان خروج هذا الرجل من بيته ومجئ هذا الجزء من الكلمات من (نيس) لا يبدو عليه أثر المصادفة قطعاً، فليس هذا الا من همة القرآن الكريم التي سلمت جزء الكتاب في الوقت نفسه الى هذا الرجل وارسلته الي.. فحمدت الله كثيراً.
اذن فان الذي يعرف أدق رغبات قلبي بل اتفهها يسبغ علي رحمته ويحميني بحماه، فلا احمل اذاً اية منّة وتفضّل مهما كانت من أحدٍ من الدنيا كلها، ولا آخذها بشئ.
المثال الثاني: لقد تركني ابن اخي (عبد الرحمن) منذ ثماني سنوات، وعلى الرغم من تلوثه بغفلات الدنيا وشبهاتها واوهامها فانه كان يحمل تجاهي ظناً حسناً بما يفوق حدي بكثير. لذا طلب مني أن اسعفه وامده بما ليس عندي وليس في طوقي من همة. ولكن همة القرآن ومدده قد اغاثه، وذلك بأن أوصل اليه (الكلمة العاشرة) التي تخص (الحشر) قبل وفاته بثلاثة اشهر.
فأدت تلك الرسالة دورها في تطهيره من لوثات معنوية وكدورات 

----------------
(1) جزيرة في بحيرة اكريدير، قريبة من بارلا. - المترجم.

لايوجد صوت