العمل. فكما ان إحدى يدي الانسان لاتحسد الاخرى ولاتغار منها، وكذا لاتحسد العين اذنه ولايغار قلبُه من عقله، كذلك انتم، فكل منكم في حكم عضو وحاسة في الشخص المعنوي لجماعتنا هذه. فواجبكم الوجداني الاّ يحسد بعضكم بعضاً، بل يفتخر كلٌ منكم بمزايا الآخر ويُنسَرُّ بها.
بقي هناك أمر آخر، وهو أخطر الامور، وهو : وجود الحسد والغيرة فيكم او في احبابكم تجاه أخيكم هذا الفقير. وهذا من اخطر الامور. وفيكم علماء اجلاّء متبحرون، وفي قسم من اهل العلم غرور علمي ولو انه متواضع بالذات، الاّ انه ـ في تلك الجهة ـ مغرور واناني، فلا يدع غروره فوراً. ومهما التزم عقله وتمسّك قلبه بالخدمة الاّ ان نفسه تروم التميز والظهور والشهرة من جراء ذلك الغرور العلمي. بل انها ترغب حتى في اظهار المعارضة للرسائل المكتوبة، وعلى الرغم من ان قلبه يحب الرسائل وان عقله يعجب بها ويجدها رفيعة، فان نفسه تضمر عداءً آتياً من الغيرة العلمية وتتمنى تهوين شأن (الكلمات) كي تبلغها نتاجات فكره، وتروّج مثلها، لذا اضطر اضطراراً أن أبلّغ هذا :
ان الذين هم ضمن دائرة هذه الدروس القرآنية، وظيفتهم محصورة ـ من حيث العلوم الايمانية ـ في شرح (الكلمات) المكتوبة وايضاحها او تنظيمها، حتى لو كانوا مجتهدين، وعلماء متبحّرين، لانه قد علمنا بامارات كثيرة : اننا موظفون بوظيفة الفتوى في هذه العلوم الايمانية. فلو حاول احدهم ممن هو ضمن دائرتنا ان يكتب شيئاً بما استوحته نفسه من الغرور العلمي ـ خارج نطاق الشرح والايضاح ـ فانه يكون بمثابة معارضة واهية وتقليد مشين. لانه قد تحقق بالادلة والامارات :
ان أجزاء (رسائل النور ) ترشحات من فيض القرآن الكريم، وقد تكفل كل منا ـ على وفق قاعدة توزيع المساعي وتقسيم الاعمال ـ بالقيام بوظيفة من وظائف العمل للقرآن، لنوصل تلك الترشحات الكوثرية الى المحتاجين.