ﺍﻠﻤﻜﺘﻭﺒﺎﺕ | المكتوب التاسع | 43
(42-47)

ولكن عليه الاّ يسعى قصد اظهارها للفخر، لأنه ربما ينسب ذلك الامر الخارق الى نفسه، اذ فيه شئ من كسب الانسان في الظاهر.
أما الاكرام فهو أسلم من القسم الثاني السليم من تلك الكرامة وهو في نظري أعلى منه وأسمى. فاظهاره تحدث بالنعمة، لأن ليس فيه نصيب من كسب الانسان. فالنفس لا تستطيع ان تسنده اليها.
وهكذا يا أخي! ان ما رأيتُه وكتبته سابقاً من احسانات إلهية، فيما يخصك ويخصني ولا سيما في خدمتنا للقرآن، انما هو اكرام إلهي، اظهاره تحدث بالنعمة. ولهذا اكتب اليكم عن التوفيق الإلهي في خدمتنا من قبيل التحدث بالنعمة. وانا على علم انه يحرك فيكم عرق الشكر لا الفخر.
ثالثاً:
أرى أن أسعد انسان في هذه الحياة الدنيا هو ذلك الذي يتلقى الدنيا مضيف جندية ويذعن انها هكذا، ويعمل وفق ذلك. فهو بهذا التلقي يتمكن أن ينال أعظم مرتبة ويحظى بها بسرعة، تلك هي مرتبة رضى الله سبحانه، اذ لا يمنح قيمة الالماس الثمينة الباقية لقطع زجاجية تافهة، بل يجعل حياته تمضي بهناء واستقامة.
نعم! ان الأمور التي تعود الى الدنيا هي بمثابة قطع زجاجية قابلة للكسر بينما الأمور الباقية التي تخص الآخرة هي بقيمة الألماس المتين الثمين.
فما في فطرة الانسان من رغبة ملحة ومحبة جياشة وحرص رهيب وسؤال شديد وأحاسيس اخرى من أمثال هذه، وهي أحاسيس شديدة وعريقة، انما وهبت له ليغنم بها أموراً اخروية. لذا فان توجيه تلك الأحاسيس وبذلها بشدة نحو أمور دنيوية فانية انما يعني اعطاء قيمة الالماس لقطع زجاجية تافهة.
ولقد وردت هذه النقطة على خاطري لمناسبة هذه المسألة فسأذكرها لكم، وهي:
ان العشق محبة قوية شديدة، فحينما يتوجه الى محبوبات فانية،

لايوجد صوت