ﺍﻠﻤﻜﺘﻭﺒﺎﺕ | المكتوب التاسع | 45
(42-47)

خصلة سامية وسجية طيبة وهي العناد الحقيقي، وهو الثبات الشديد على الحق.
وهكذا على غرار هذه الامثلة الثلاثة فان الاجهزة المعنوية الممنوحة للانسان اذا ما استعملها في سبيل النفس والدنيا، غافلاً وكأنه مخلد فيها؛ تصبح تلك الاجهزة المعنوية منابع اخلاق دنيئة ومصادر اسرافات في الامور ومنشأ عبثية لا طائل وراءها. ولكن اذا ما وجه احاسيسه تلك، الخفيفة منها الى الدنيا والشديدة منها الى العقبى وأعمال الآخرة والافعال المعنوية، فانها تكون منشأ للاخلاق الفاضلة وسبيلاً ممهداً الى سعادة الدارين ومنسجماً انسجاماً تاماً مع الحكمة والحقيقة.
ومن هنا فاني أخال ان سبباً من أسباب عدم تأثير نصيحة الناصحين في هذا الزمان هو: انهم يقولون لسيئي الخلق: لا تحسدوا. لا تحرصوا. لا تعادوا. لا تعاندوا. لا تحبوا الدنيا. بمعنى انهم يقولون لهم غيّروا فطرتكم. وهو تكليف لا يطيقونه في الظاهر. ولكن لو يقولون لهم: اصرفوا وجوه هذه الصفات الى أمور الخير، غيّروا مجراها، فعندئذ تجدي النصيحة وتؤثر في النفوس، وتكون ضمن نطاق ارادة الانسان واختياره.
رابعاً:
لقد دار بين علماء الاسلام كثيراً بحثٌ حول الفروق بين الايمان والاسلام. فقال قسم: كلاهما واحد. وآخرون قالوا: انهما ليسا واحداً بل لا ينفك احدهما عن الآخر. واوردوا آراء كثيرة مختلفة مشابهة لهذا. وقد فهمت فرقاً بينهما كهذا:
ان الاسلام التزام، والايمان اذعان. أو بتعبير آخر: الاسلام هو الولاء للحق والتسليم والانقياد له. أما الايمان فهو قبول الحق وتصديقه.
ولقد رأيت - فيما مضى - بعضاً ممن لا دين لهم يظهرون ولاءً شديداً لأحكام القرآن، بمعنى ان ذلك الملحد قد نال اسلاماً بجهة

لايوجد صوت