ﺍﻠﻤﻜﺘﻭﺒﺎﺕ | المكتوب التاسع | 44
(42-47)

فان ذلك العشق اما يجعل صاحبه في عذاب أليم مقيم، أو يدفعه ليتحرى عن محبوب حقيقي حيث لا يستحق ذلك المحبوب المجازي تلك المحبة الشديدة. وعندها يتحول العشق المجازي الى عشق حقيقي.
وهكذا ففي الانسان ألوف من أمثال هذه الأحاسيس، كل منها لها مرتبتان - كالعشق - احداهما مجازية، والاخرى حقيقية.
فمثلاً: القلق على المستقبل. هذا الاحساس موجود في كل انسان، فعندما يقلق قلقاً شديداً على المستقبل يرى أنه لا يملك عهداً للوصول الى ذلك المستقبل الذي يقلق عليه، فضلاً عن أن ذلك المستقبل القصير الأمد مكفول من حيث الرزق - من قبل الرزاق - فاذاً لا يستحق كل هذا القلق الشديد. وعندها يصرف وجهه عنه، متوجهاً الى مستقبل حقيقي مديد، وهو ما وراء القبر والذي لم يُكفَل للغافلين.
ثم ان الانسان يبدي حرصاً شديداً نحو المال والجاه، ولكنه يرى أن ذلك المال الفاني الذي هو امانة بيده مؤقتاً، وذلك الجاه الذي هو مدار شهرة ذات بلاء، ومصدر رياء مهلك، لا يستحقان ذلك الحرص الشديد. وعند ذلك يتوجه الى الجاه الحقيقي الذي هو المراتب المعنوية ودرجات القرب الإلهي وزاد الآخرة، ويتوجه الى المال الحقيقي الذي هو الاعمال الاخروية. فينقلب الحرص المجازي الذي هو اخلاق ذميمة الى حرص حقيقي الذي هو اخلاق حميدة سامية.
ومثلاً: يعاند الانسان ويثبت ويصر على أمور تافهة زائلة فانية ثم يشعر أنه يصر على شئ سنة واحدة، بينما هو لا يستحق اصرار دقيقة واحدة. فليس الا الاصرار والعناد يجعله يثبت على أمور ربما هي مهلكة ومضرة به. ولكن ما ان يشعر أن هذا الحس الشديد لم يوهب له ليبذل في مثل هذه الامور التافهة، وان صرفه في هذا المجال مناف للحقيقة والحكمة، تراه يوجه ثباته واصراره وعناده الشديد في تلك الامورالتافهة الى أمور باقية وسامية ورفيعة تلك هي الحقائق الايمانية والاسس الاسلامية والاعمال الاخروية. وعندها ينقلب الحس الشديد للعناد المجازي الذي هو خصلة مرذولة الى

لايوجد صوت