ﺍﻠﻤﻜﺘﻭﺒﺎﺕ | المكتوب السادس عشر | 107
(87-109)

باب القبر، أتاني الموظف المسؤول عن مراقبتي وكأنه يريد القبض عليّ وانا متلبّس بجريمة نكراء. علماً انه ما كان يأتيني في اغلب الاحيان، ولكنه حضر في ذلك الوقت وكأنني اقترف جريمة، فحرم ذلك المستمع الى الموضوع باخلاص، وأثار غضبي. علماً انه ما كان يلتفت الى اشخاص في القرية بل بدأ يلاطف ويقدّر اولئك الذين يعربدون ويبثون سموماً في المجتمع.
ومن المعلوم كذلك لو ان مجرماً، ارتكب مائة جريمة، يستطيع ان يقابل مسؤوليه في السجن سواءً أكانوا من الجنود أو الضباط أو الآخرين. بينما المسؤول عن مراقبتي، واثنان من ذوي الشأن لدى الحكومة، لم يسألوا عن حالي ولم يقابلوني قطعاً طوال سنة من الزمان، رغم انهم مرّوا مراراً امام غرفتي. فقد كنت اظن انهم لا يتقربون مني بسبب العداء، ولكن تحقق - بالتالي - ان ذلك نابع مما كان يساورهم من شكوك وريوب، فهم يفرّون مني وكأنني سابتلعهم.
فمراجعة حكومة، رجالها وموظفوها امثال هؤلاء ليس من العقل في شئ، بل ما هي الاّ ذلة وخنوع لا طائل وراءه.
فلو كان سعيد القديم موجوداً لقال مثلما قال عنترة:
ماءُ الحياة بذلةٍ كجهنم وجهنم بالعزّ أفخرُ منزلي
ولكن لا وجود لسعيد القديم. أما سعيد الجديد فيرى انه لا معنى حتى في التكلم مع اهل الدنيا. فليهلكهم الله بدنياهم، وليقضوا ما يقضون، سنتحاكم في المحكمة الكبرى باذن الله.
هذا ما يقوله سعيد الجديد، ثم يسكت.
ومن الاسباب الداعية لعدم مراجعتي:
السبب الثامن: ان القدر الإلهي يعذبني بالايدي الظالمة لأهل الدنيا هؤلاء. وذلك بسبب مالا يستحقونه من ميلي اليهم، وفق القاعدة: (ان نتيجة محبة غير مشروعة عداوة ظالمة). وقد كنت اؤثر

لايوجد صوت