ﺍﻠﻤﻜﺘﻭﺒﺎﺕ | المكتوب السادس عشر | 108
(87-109)

الصمت، لعلمي اني استحق هذا العذاب، حيث انني قد خدمت بصفة قائد للمتطوعين في الحرب العالمية الاولى، وخضت المعارك، وضحيت بخيرة طلابي واحبّائي مع نيل تقدير القائد العام للجيش، انور باشا. وسقطت جريحاً، واُسرت. وبعد مجيئي من الأسر القيت بنفسي في المهالك، بتأليفي كتاب (الخطوات الست) الذي تحديت به الانكليز وهم يحتلون استانبول. فعاونت هؤلاء الاصدقاء الذين ألقوني في عذاب الاسر بغير سبب. وكان هذا جزائي نظير معاونتي لهم، فاذاقني هؤلاء من المصاعب والمتاعب في ثلاثة شهور ما يفوق المصاعب والمتاعب التي قاسيت منها في روسيا طوال ثلاث سنوات.
وعلى الرغم من ان الروس كانوا ينظرون اليّ بصفة قائد للمتطوعين الاكراد والظالم الذي يذبح الاسرى والقازاق، الاّ انهم لم يمنعوني من القاء الدروس. فكنت القيها على معظم زملائي الاسرى من الضباط البالغ عددهم تسعين ضابطاً، حتى ان القائد الروسي استمع مرة الى الدرس، فحسبه درساً سياسياً، لجهله باللغة التركية، ومنعني مرة واحدة فقط ولكنه سمح لي بعد ذلك. ثم اننا جعلنا غرفة في الثكنة التي كنا فيها مسجداً لأداء الصلاة جماعةً، وكنت ائم الجماعة، ولم يتدخلوا في ذلك قط. ولم يمنعونا من الاختلاط والاتصال بعضنا مع البعض ولم يقطعوا عنا المراسلات.
بينما ارى هؤلاء الذين يفترض فيهم انهم اخواني في الدين وفي الوطن يمنعونني من الدرس بغير سبب مع انني احاول ان افيدهم في الايمان، وهم يعلمون انني قد قطعت علاقتي مع الدنيا والسياسة. حتى انهم وضعوني في الأسر طوال ست سنوات - وليس ثلاث سنوات - بل في اسر مشدّد، اذ منعوني عن الاختلاط بالناس، ومن
القاء الدروس، بل حتى من القاء الدروس الخاصة في غرفتي الخاصة. علماً انني احمل شهادة في ذلك، وحالوا بيني وبين المراسلات، بل منعوني حتى عن الامامة في المسجد الذي عمّرته

لايوجد صوت