ﺍﻠﻤﻜﺘﻭﺒﺎﺕ | المكتوب الثامن عشر | 117
(115-126)

الطرف الآخر منه، ثم يأتي الى ذلك النائم ويدخل في أنفه.. وهنا يستيقظ النائم من نومه، ويصحو قائلاً لصديقه:
- لقد رأيت يا صديقي في غفوتي هذه رؤيا عجيبة!
- اللّهم ارنا خيراً وأسمعنا خيراً.. قل يا صديقي ماذا رأيت؟
- رأيت - وأنا نائم - بحراً من لبن، وقد مد عليه جسر عجيب، وكان الجسر مسقفاً، ولسقفه نوافذ، مررت من ذلك الجسر، ورأيت في نهاية الطرف الثاني منه غابة كثيفة ذات اشجار مدببة. وبينما انا انظر اليها متعجباً رأيت كهفاً تحت الاشجار فسرعان ما دخلت فيه، ورأيت كنزاً عظيماً من ذهب خالص.
فقل لي يا صديقي، ما ترى في رؤياي هذه، وكيف تعبّرها لي؟ أجابه صديقه الصاحي:
- ان ما رأيته من بحر اللبن هو هذا اللبن في هذا الاناء، وذلك الجسر الذي فوقه هو الناي الموضوع فوق حافتيه، والغابة هي هذه الشجيرة المشوكة، وذلك الكهف الكبير هو هذا الثقب الصغير، تحت هذه النبتة القريبة منا. فهات يا صديقي المعوَل لأريك الكنز بنفسي. فيأتي صديقه بالمعوَل ويبدآن الحفر تحت تلك الشجيرة، ولم يلبثا حتى ينكشف لهما ما يسعدهما في الدنيا من كنز ذهبي.
وهكذا فان ما رآه النائم في نومه صواب وصحيح، وقد رأى ما رأى حقيقة وصدقاً، ولكن لأنه مستغرق في عالم الرؤيا، وعالم الرؤيا لا ضوابط له ولا حدود، فلا يحق للرائي تعبير رؤياه، فضلاً عن أنه لا يميز بين العالم المادي والمعنوي، لذا يكون قسم من حكمه خطأ. حتى أنه يقول لصاحبه صادقاً: لقد رأيت بنفسي بحراً من لبن. ولكن صديقه الذي ظل صاحياً يستطيع ان يميز بسهولة العالم المثالي ويفرزه عن العالم المادي، فله حق تعبير الرؤيا حيث يخاطب صديقه قائلاً:
- ان ما رأيته يا صديقي حق وصدق، ولكن البحر الذي رأيته

لايوجد صوت