ﺍﻠﻤﻜﺘﻭﺒﺎﺕ | المكتوب الثامن عشر | 120
(115-126)

الاصفياء والمحققين الحدسية.
 المسألة الثانية المهمة:
سؤال:
يعتبر الكثيرون (وحدة الوجود) من أرفع المقامات، بينما لا نشاهد لها أثراً عند الذين لهم الولاية الكبرى، وهم الصحابة الكرام وفي مقدمتهم الخلفاء الراشدون، ولا عند ائمة آل البيت وفي مقدمتهم الخمسة المعروفون بآل العباء، ولا عند المجتهدين وفي مقدمتهم الأئمة الاربعة، ولا عند التابعين، فهل الذين أتوا من بعد هؤلاء اكتشفوا طريقاً أسمى وارفع من طريقهم؟ وهل سبقوهم في هذا المضمار؟!
الجواب: كلا.. وحاش لله أن يكون الامر كذلك، فليس في مقدور أحد كائناً من كان ان يصل الى مستوى أولئك الأصفياء الذين كانو أقرب النجوم اللامعة الى شمس الرسالة والوارثين السابقين الى كنوز النبوة فضلاً عن أن يسبقوهم. فالصراط المستقيم انما هو طريقهم والمنهج القويم انما هو منهجهم.
أما وحدة الوجود فهي مشرب ونزعة وحال وهي مرتبة ناقصة، ولكن لكونها مشرّبة بلذة وجدانية ونشوة روحية فان معظم الذين يحملونها أو يدخلون اليها لا يرغبون في مغادرتها فيبقون فيها، ظانين أنها هي المرتبة الأخيرة التي لا تسمو فوقها مرتبة ولا يطالها أفق.
لذلك فان صاحب هذا المشرب، ان كان ذا روح متجردة من المادة ومن وسائلها ومزقت ستار الأسباب وتحررت من قيودها ونالت شهوداً في لجة الاستغراق الكلي، فان مثل هذا الشخص قد يصل الى وحدة وجود حالي لا علمي، ناشئة من وحدة شهود وليس من وحدة الوجود، فتحقق لصاحبها كمالاً ومقاماً خاصاً به، بل قد توصله الى انكار وجود الكون عند تركيز انتباهه في وجود الله.
أما ان كان صاحب هذا المشرب من الذين اغرقتهم المادة وأسبابها. فان ادعاءه لوحدة الوجود قد تؤدي به الى انكار وجود الله

لايوجد صوت