ﺍﻠﻤﻜﺘﻭﺒﺎﺕ | المكتوب الثامن عشر | 123
(115-126)

كل مرآة من هذه المرايا، ولكن كل مرآة تعكس صورة الاشياء بالشكل الذي يناسب صفتها ولونها، أي ان كل مرآة ستعكس منظراً خاصاً للغرفة. فاذا دخل رجلان الى الغرفة واطلع أحدهما على احدى هذه المرايا فانه يعتقد بأنه يرى جميع الأشياء مرتسمة فيها، وعندما يسمع بوجود مرايا اخرى وما فيها من صور فانه يعتقد بأنها صور المرايا التي تنعكس على مرآته نفسها والتي لا تشغل الا حيزاً صغيراً منها، بعد أن تضاءلت صورتها مرتين وتغيرت حقيقتها فيقول:
انني أرى الصورة هكذا. اذن فهذه هي الحقيقة.
فيقول له الرجل الثاني: نعم انك ترى ذلك وما تراه صحيح، ولكن ليس هو في الواقع صورة الحقيقة نفسها، فهناك مرايا أخرى غير المرآة التي تحدق فيها، وتلك المرايا ليست صغيرة وضئيلة ومنعكسة من الظلال كما تراها في مرآتك!
وهكذا فان كل اسم من أسماء الله الحسنى يتطلب مرآة خاصة به كل على حدة. فمثلاً: ان الاسماء الحسنى أمثال: (الرحمن، الرزاق) لما كانت أسماء حقيقية وأصلية فانها تقتضي موجودات لائقة بها ومخلوقات محتاجة الى مثل هذا الرزق ومثل هذه الرحمة.
فكما يقتضي اسم (الرحمن) مخلوقات حية محتاجة الى الرزق في عالم حقيقي، فان اسم (الرحيم) يستدعي جنة حقيقية كذلك. لذا فان اعتبار أسماء معينة من أسماء الله الحسنى أمثال (الموجود، الواحد، الأحد، واجب الوجود) هي الاسماء الحقيقية فقط وتوهم الأسماء الحسنى الاخرى تابعة وظلاً لها حكم غير عادل وتنكّب عن واجب الاحترام لهذه الاسماء الحسنى كما ينبغي.
اذن فالصراط المستقيم، بل صراط الولاية الكبرى ان هو الا طريق الصحابة والأصفياء والتابعين وائمة اهل البيت والائمة المجتهدين وهو الطريق الذي سلكه التلاميذ الأوَل للقرآن الكريم.

﴿سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا اِلاّ ما عَلَّمْتَنا اِنَّكَ اَنْتَ الْعَليمُ الْحَكيم﴾

لايوجد صوت