ﺍﻠﻤﻜﺘﻭﺒﺎﺕ | المكتوب التاسع عشر | 206
(163-327)

الجرح والتعديل، وبرز منهم متشددون ـ امثال ابن الجوزي ـ فميّزوا الاحاديث الموضوعة التي دسّها بعض الملاحدة وجهلة الناس على الاحاديث الصحيحة. ثم اعقبهم علماء أفاضل ذوو تقوى وورع امثال جلال الدين السيوطي وهو العلاّمة الامام الذي تشرف بمحاورة الرسول y فتمثل له في اليقظة سبعين مرة ــ كما يصدّقه أهل الكشف من الاولياء الصالحين ـ فميّزوا جواهر الاحاديث الصحيحة من سائر الكلام والموضوعات.
وهكذا ترى ان الاحاديث ـ والمعجزات التي سنبحث عنها ــ قد انتقلت الينا سليمة صحيحة بعد ان تسلّمها مالا يعد ولا يحصى من الأيدي الأمينة (فالحمدلله، هذا من فضل ربي).
وعليه فلا ينبغي أن يخطر بالبال: كيف نعرف أن هذه الحوادث التي حدثت منذ مدة سحيقة قد ظلت مصونة سالمة من يد العبث؟
أمثلة حول معجزات بركة الطعام:
المثال الأول:
 اتفقت الصحاح الستة، وفي مقدمتها البخاري ومسلم في حديث أنس رضي الله عنه (قال: كان النبي y عروساً بزينب، فعَمِدَتْ أمي أمّ سُلَيم الى تمر وسمن وأقط، فصنعت حيساً فجعلته في تور(1) فقالت: يا أنس! اذهب بهذا الى رسول الله y فقل بعثتْ بهذا اليكَ امي، وهي تقرئك السلام، وتقول: ان هذا لك منّا قليل يا رسول الله! فذهبت فقلت)، فقال: (ضعْهُ) ثم قال: (اذهب فادعُ لي فلاناً) وفلانا وفلاناً رجالاً سمّاهم (وادعُ مَن لقيتَ) فدعوتُ مَن سمّى ومَن لقيتُ فرجعتُ فاذا البيت غاص باهله، قيل لأنس: عددكم كم كانوا؟ قال: زهاء ثلاثمئة. فرأيت النبي yوضع يده على تلك الحيسة وتكلم بما شاء الله ثم جعل يدعو عشرةً عشرةً يأكلون منه، ويقول لهم: (اذكروا اسم الله، وليأكل كلُّ رجل مما يليه) قال: فأكلوا حتى شبعوا، فخرجت طائفة،

---------------------------------------------------------------------------------------

(1) (التور): اناء كالقدح.

لايوجد صوت