فهذه الحادثة الخارقة للعادة قد وقعت في بدر وحنين، فهي حادثة تفوق طاقة البشر، كما انها لا يمكن اسنادها الى الاسباب العادية، لذا قال تعالى ﴿وما رَمَيْتَ إذْ رَمَيْتَ ولكنّ الله رمى﴾ اي انها حادثة نابعة من قدرة الهية محضة.
المثال الثاني:
تذكر كتب ائمة الحديث وفي مقدمتها البخاري ومسلم (ان يهودية - واسمها زينب بنت الحرث - اهدت للنبي y بخيبر شاة مصليّة(1) سمَّتْها، فأكل رسول الله y منها ، وأكل القوم، فقال: ارفعوا ايديكم، فانها اخبرتني انها مسمومة، فرفع الجميع ايديهم، إلاّ ان بشر بن البراء مات من اثر السم، فدعا y اليهودية وقال لها: ما حَمَلكِ على ما صنعتِ؟ قالت: إن كنت نبياً لم يضرّك الذي صنعتُ، وان كنتَ مَلِكاً أرَحْتُ الناسَ منك. فأمر بها فقُتلت)(2) ، وفي بعض الروايات انه لم يأمر بقتلها. قال العلماء المحققون: لم يأمر بقتلها بل دفعها لأولياء بشر بن البراء، فقتلوها(3).
فاستمع الآن الى هذه النقاط الثلاثة لبيان اعجاز هذه الحادثة.
النقطة الاولى: جاء في احدى الروايات: ان عدداً من الصحابة
--------------------------------------------------------------------------------------
(1) (مصلية): مشوية.
(2) حديث الشاة المسمومة، اخرجه البخاري في الطب: باب ما يذكر في النبي y ، وفي الجهاد: باب اذا غدر المشركون بالمسلمين هل يعفى عنهم، وفي المغازي: باب الشاة التي سمت النبي y. وابو داود (4509) والدارمي (1/3، 4) واحمد (2/ 451) من حديث ابي هريرة . ومن حديث أنس أخرجه البخاري في الهبة: باب قبول الهدية من المشركين. ومسلم (2992) وابو داود (4508) ومجمل المعنى الذي ذكره الاستاذ النورسي رواه ابو داود (4512) من حديث محمد بن عمرو عن ابي سلمة ولم يذكر ابا هريرة.
(3) حسن: اخرج الحاكم والبيهقي في السنن عن ابي هريرة متصلاً (... انه قتلها لما مات بشر بن البراء) وقد وفق بين الروايتين بانه لم يقتلها اولاً، فلما مات بشر قتلها. والحديث حسنه محقق زاد المعاد (3/ 336).