فهو اسلوب غض طري يحتفظ بفتوته وشبابه ونضارته دائماً، وهو اسلوب يحمل من النثر المنظوم والنظم المنثور ما يجعله رفيعاً عالياً ولذيذاً ممتعاً في الوقت نفسه.
ثم انه يبين اعجازه فيما يخبر من أنباء معجزة عن الغيب فيتحدى به طبقة الكهان (والذين يدّعون انهم يخبرون اشياء عن الغيب).
ثم انه يقصّ (لأهل التاريخ) والذين يتتبعون أحداث العالم من العلماء ما يشعرهم اعجازه، وذلك بذكره أحداث الأمم الغابرة وأحوالها، وما سيحدث في المستقبل من وقائع، سواء في الحياة الدنيا أو في البرزخ أو في الآخرة، فيتحداهم باعجازه الرائع هذا.
ويعرض ايضاً اعجازه (لعلماء الإجتماع والسياسة والحكم) وذلك بعرض ما في الدساتير القرآنية المقدسة من اعجاز.. نعم! ان الشريعة الغراء المنبثقة من القرآن الكريم تظهر اظهاراً تاماً سر ذلك الأعجاز.
ويبين كذلك لأولئك الذين توغلوا في (المعارف الإلهية والحقائق الكونية) اعجازاً باهراً في سوقه الحقائق الإلهية السامية المقدسة، أو يشعرهم بوجود هذا الاعجاز.
ولأولئك الذين يسلكون (طرق الولاية والتصوف) يبين القرآن الكريم اعجازه لهم بكنوز الأسرار التي ينطوي عليها بحر آياته الزاخرة.
وهكذا تُفتح امام كل طبقة من الطبقات الأربعين للناس نافذة مطلة الى الاعجاز الباهر. بل انه يبين اعجازه حتى لأولئك الذين لا يملكون سوى قدرة الاستماع من دون ان يقدروا على التوغل في الفهم من (عوام الناس). فنراهم يصدِّقون اعجازه ويشعرون به بمجرد سماعهم له، اذ يحاور ذلك العامي نفسه ويقول: (ان اسلوب هذا القرآن يختلف تماماً عن اساليب الكتب الاخرى، فإما أنه في مستوى من الاسلوب هو أدنى منها وهذا محال - بل لم يتفوه به ألد الأعداء وأهل الخصومة - أو هو اسلوب أرقى من الجميع، أي انه معجز).
فالعامي الذي لا يستطيع الاّ الاستماع، يفهم الاعجاز على هذه الشاكلة، ولأجل ان نساعده شيئاً في ادراكه هذا نوضح ما يلي: