يتألمون بأدنى كلام، تراهم يستمعون الى القرآن الكريم وتنزل آياته على اسماعهم كأنه السلسبيل، وبهذا يشعرون باعجازه.
نحصل مما سبق: ان القرآن الكريم لا يدع أحداً محروماً من تذوق اعجازه، فلكل طبقة من أربعين طبقة من الطبقات المتباينة للناس لهم حظهم من هذا الاعجاز أو يشعرهم القرآن باعجازه، حتى انه بيّن نوعاً من اعجازه لأولئك الذين ليس لهم نصيب من العلم ولا يملكون (سوى الرؤية)(1) من دون القدرة على الاستماع أو الفهم أو الادراك القلبي. وذلك كالاتي:
ان كلمات المصحف المطبوع بخط (الحافظ عثمان) تتقابل وينظر بعضها الى بعض.
فمثلاً: ان كلمة ﴿وثامنُهم كلبُهم﴾ التي هي في سورة الكهف تناظر كلمة ﴿قطمير﴾ التي هي في سورة فاطر، فلو ثُقبت الصفحات ابتداءً من الكلمة الأولى لتبينت الكلمة الثانية بانحراف يسير ولَفُهِم اسمُ الكلب.
وكذا كلمة ﴿مُحـضَرون﴾ المكررة مرتين في سورة يس نرى أحداهما فوق الأخرى. وهما يقابلان كلمة ﴿محضَرونَ﴾، ﴿محضَرينَ﴾ التي في سورة الصافات، فاذا ما ثقبت احداها لظهرت من خلال الصفحات الكلمة نفسها مع انحراف قليل.
وكذا كلمة ﴿مثنى﴾ التي في آخر سورة سبأ تنظر الى الكلمة نفسها التي هي في مستهل سورة فاطر ، ففي القرآن تتكرر كلمة
-------------------------------------------------------------
(1) ان وجه الاعجاز لهذه الطبقة الفاقدة للسمع والعلم والادراك، والتي لا تملك سوى الرؤية قد ظل مجملاً وناقصاً مبتوراً، الآّ ان المكتوب التاسع والعشرين والمكتوب الثلاثين()، قد وضّحا بجلاء تام هذا النوع من الاعجاز بحيث يمكن ان يلمسه حتى الأعمى. وقد وضعنا كتابة مصحف شريف لأظهار هذا الوجه الجميل من الاعجاز موضع التنفيذ، نسأل الله ان نوفق في طبعه. المؤلف.
() كنا على نية كتابة المكتوب الثلاثين على اجمل وجه وأفضله الاّ انه تخلى عن موضعه الى (اشارات الاعجاز) فلم يظهر في الميدان. - المؤلف.