ﺍﻠﻤﻜﺘﻭﺒﺎﺕ | المقام الثاني | 356
(340-376)

يعرض عليها العدم والفناء قطعاً.
نعم، ان حياةً.. يظهر بتجليها جميع انواع الحياة باستمرار، ويستند اليها جميع الحقائق الثابتة للكائنات بل هي قائمة بها، لن يعرض عليها الفناء والزوال قطعاً.
نعم، ان حياةً.. تورث لمعة من تجلٍ منها وحدةً للاشياء الكثيرة المعرضة للفناء والزوال وتجعلها باقية وتنجيها من التشتت والتبعثر وتحفظ وجودها وتجعلها مظهراً لنوع من البقاء ـ اي تمنح الكثرة وحدة وتبقيها، فاذا ولّت تبعثرت الاشياء وفنيت - لاشك ان الزوال والفناء لايدنوان من هذه الحياة الواجبة التي تعد هذه اللمعات الحياتية جلوة من جلواته.
والشاهد القاطع لهذه الحقيقة هو زوال هذه الكائنات وفناؤها، اي ان الكائنات كما تدل وتشهد بانواع وجودها وصنوف حياتها على حياة ذلك الحي الذي لايموت وعلى وجوب وجود تلك الحياة(1) تدل وتشهد بانواع موتها وصنوف زوالها على بقاء تلك الحياة وعلى سرمديتها؛ لان الموجودات بعد زوالها تأتي عقبها امثالُها فتنال الحياة مثلها وتحل محلها، مما يدل على ان حياً دائماً موجودٌ، وهو الذي يجدّد باستمرار تجلي الحياة؛ اذ كما ان الحباب التي تعلو سطح النهر وتقابل الشمس تتلمع ثم تذهب، والتي تعقبها تتلمع ايضاً مثلها، وهكذا.. طائفة إثر طائفة، كلٌ منها تتلمع، ثم تنطفئ وتذهب الى شأنها.. فهذا التعاقب في الإلتماع والانطفاء يدل على شمس دائمة عالية.. كذلك يشهد تبدل الحياة والموت ومناوبتهما في هذه الموجودات السيارة على بقاء حيّ باقٍ وعلى دوامه. 


-----------------------
(1) ان انتقال سيدنا ابراهيم (عليه السلام) اثناء محاججته نمرود في الاماتة والاحياء، الى إتيان ا سبحانه بالشمس من المشرق وتعجيزنمرود باتيانها من المغرب، هو إنتقال وترقٍ من إماتة وإحياءٍ جزئيين الى إماتة وإحياء كليين، اي انتقال الى أوسع دائرة من دوائر ذلك الدليل وأسطعها، وليس هو صعود الى دليل ظاهر وترك الدليل الخفي، كما يقوله بعض المفسرين..ـ المؤلف.

لايوجد صوت