ﺍﻠﻤﻜﺘﻭﺒﺎﺕ | المقام الثاني | 363
(340-376)

دلالة واضحة على ان صانعها الواحد فاعل مختار ومريد، يفعل ما يشاء، فما شاء فعل وما لم يشأ لايفعل. فهو يعمل بقصد وارادة.
فهناك اذن دلالات وشهادات على العلم الإلهي والارادة الربانية بعدد الموجودات بل بعدد شؤونها، لذا فان نفي قسم من الفلاسفة للارادة الإلهية، وانكار قسم من اهل البدع للقدر الإلهي، وادعاء قسم من اهل الضلالة عدم اطلاعه سبحانه على الجزئيات، واسناد الطبيعيين لقسم من الموجودات الى الطبيعة والاسباب، كذب مضاعف وافتراء شنيع ترفضه الموجودات بعددها، بل ضلالة وبلاهة اضعاف اضعاف عدد الموجودات وشؤونها.
لان الذي يكذّب شهادات صادقة لاتحد، يفترى كذباً غير محدود.
ومن هنا يمكنك ان تقيس كم هو عِظم الخطأ، وكم هو عِظم البُعد عن الحقيقة وكم هو مناف للصواب واجحاف بالحق، قول البعض عن قصد: (امر طبيعي) بدلاً من قوله: (ان شاء الله.. ان شاء الله) في الامور التي لاتظهر للوجود الاّ بمشيئته سبحانه!.
 الكلمة العاشرة: [وهو على كل شئ قدير]
اي لايثقل عليه شئ. فما من شئ في دائرة الامكان الاّ وهو قادر على ان يلبسه الوجود بكل سهولة ويسر. فهذا الامر سهل عليه الى حد أنه بمجرد أمره اليه يحصل الشئ بمقتضى قوله تعالى:﴿انما أمره اذا اراد شيئاً ان يقول له كن فيكون﴾ (يس:82).
اذ كما ان صناعاً ماهراً جداً، ما أن يكاد تمس يده الشئ الاّ ويبدأ بالعمل كالماكينة. ويقال تعبيراً عن تلك السرعة والمهارة: ان ذلك العمل وتلك الصنعة سهل عليه ومسخّر بيده حتى كأن العمل يتم بمجرد أمره ومسّه، فالاعمال تنجز والمصنوعات توجد.
وكذلك الاشياء ازاء قدرة القدير ذي الجلال مسخّرة في منتهى التسخير، ومنقادة انقياداً تاماً، وان تلك القدرة تعمل الاشياء وتنجزها في منتهى السهولة، وبلا معالجة ولا كلفة حتى عبّر القرآن الكريم عن

لايوجد صوت