امكانات واحتمالات كثيرة، انما يدل على ارادة كلية بجهات غير محدودة. لان اعطاء شكل موزون وتشخص منتظم، المحسوب حسابه بميزان في منتهى الدقة والحساسية، وبمكيال دقيق للغاية، مع انتظام في غاية الدقة والرقة، من بين إمكانات واحتمالات غير محدودة تحيط بوجود كل شئ، وتحفّه طرق عقيمة غير مثمرة لاتحد وفي خضم عناصر جامدة مختلطة تسيل سيلاً دون ميزان.. انما يدل بالبداهة والضرورة بل بالمشاهدة على انه أثر لإرادة كلية. لان انتخاب وضع معين من بين اوضاع غير محدودة، انما يكون بتخصيص وبترجيح، وبقصد وبارادة، ويخصص بطلب وقصد.
فلاشك ان التخصيص يقتضي مخصِّصاً، والترجيح يستلزم مرجِّحاً، وما المخصِّص والمرجِّح الاّ الارادة.
فمثلاً:
ان ايجاد جسم الانسان الشبيه بماكنة مركبة من مئات الاجهزة المتباينة والآلات المختلفة من نطفة، وايجاد الطير الذي يملك مئات الجوارح المختلفة من بيضة بسيطة، وايجاد الشجرة التي لها مئات الفروع والاعضاء المتنوعة من بذرة صغيرة.. هذا الايجاد لاريب انه يدل على القدرة والعلم، كما يشهد شهادة قاطعة وضرورية للارادة الكلية لصانعها الجليل. حيث انه سبحانه بتلك الارادة يخصص كل ما يتطلبه ذلك الشئ، ويعطي شكلاً خاصاً لكل جزء من اجزاء ذلك الشئ ولكل عضو ولكل قسم منه فيلبسه وضعاً معيناً.
حاصل الكلام:
كما ان تشابه الاعضاء المهمة في الاشياء والاحياء - مثلاً - من حيث الاساس والنتائج وتوافقها، واظهارها سكة واحدة - وعلامة واحدة من علامات الوحدة - يدل دلالة قاطعة على ان صانع جميع الحيوانات واحد أحد. كذلك التشخصات المختلفة للحيوانات والتمييز الحكيم والتعيين الدقيق في سيماها - مع اختلافاتها وتخالفها - تدل