انك يا أخي تسأل: لماذا نجد تأثيراً غير اعتيادي فيما كتبته في (الكلمات) المستقاة من فيض القرآن الكريم، قلّما نجده في كتابات العارفين والمفسرين. فما يفعله سطرٌ واحد منها من التأثير يعادل تأثير صحيفة كاملة من غيرها، وماتحمله صحيفة واحدة من قوة التأثير يعادل تأثير كتاب كامل آخر؟
فالجواب: وهو جواب لطيف جميل، اذ لما كان الفضل في هذا التأثير يعود الى اعجاز القرآن الكريم وليس الى شخصي أنا، فسأقول الجواب بلاحرج:
نعم! هو كذلك على الاغلب؛ لأن الكلمات:
تصديق وليست تصوراً (1).
وايمانٌ وليست تسليماً(2).
وتحقيق وليست تقليداً(3).
وشهادة وشهود وليست معرفة(4).
واذعان وليست التزاماً(5).
وحقيقة وليست تصوفاً .
وبرهان ضمن الدعوى وليست ادعاءاً
وحكمة هذا السر هي:
ان الاسس الايمانية كانت رصينة متينة في العصور السابقة، وكان الانقياد تاماً كاملاً، اذ كانت توضيحات العارفين في الامور
-------------------
(1) التصديق: هو ان تنسب باختيارك الصدق الى المخبر. بينما التصور: هو ادراك المعرفة من غير ان يحكم عليها بنفي أو إثبات وفي المنطق: التصديق هو ادراك النسبة التامة الخبرية على وجه الاذعان. والتصور: ادراك ما عدا ذلك.ــ المترجم.
(2) مأخوذة من قوله تعالى: ﴿قل لم تؤمنوا ولكن قولوا: أسلمنا﴾. - المترجم.
(3) التحقيق: اثبات المسألة بدليلها بينما التقليد: قبول قول الغير بلا حجة ولادليل. - المترجم.
(4) الشهادة: هي اخبار عن عيان. والشهود: هو معرفة الحق بالحق. اما المعرفة: فهي ادراك الشئ على ما هو عليه، وهي مسبوقة بجهل بخلاف العلم.ــ المترجم.
(5) الأذعان: عزم القلب، والعزم جزم الارادة. - المترجم.