وهذا الاسلوب المعجز هو الذي يُخضع رقاب فطاحل الادباء فيخرون لبلاغته سُجّداً.
ومثلاً ؛ قوله تعالى:
﴿ومن آياته ان تقومَ السّماءُ والارض بأمره ثم اذا دعاكم دعوةً من الارضِ اذا أنتم تخرجون﴾(الروم:25).
تبيّن هذه الآية الكريمة عظمة ربوبيته سبحانه في اسلوب عالٍ رفيع. وذلك:
ان السماوات والارض بمثابة معسكرين في أتم طاعة وانقياد، وفي صورة ثكنة لجيشين عظيمين على أتم نظام وانتظام. وما فيهما من موجودات راقدة تحت غطاء الفناء وستار العدم تمتثل بسرعة تامة وطاعة كاملة أمراً واحداً او اشارة من نفخ في صور، لتخرج الى ميدان الحشر والامتحان.. فانظر كيف عبّرت الآية الكريمة عن الحشر والقيامة باسلوب معجز رفيع، وكيف أشارت الى دليل اقناعي في ثنايا المدّعى، مثلما تخرج البذور التي تسترت في جوف الارض كالميتة، والقطرات التي انتشرت مستترة في جو السماء وانتشرت في كرة الهواء، وتحشر بانتظام كامل وفي سرعة تامة، فتخرج الى ميـدان التـجـربة والامتحـان في كـل ربـيع، حتى تتـخذ الحبوب في الارض والقطـرات في السماء صورة الحـشر والنشور، كما هو مشاهد. وهكذا الامر في الحشر الاكبر وبالسهولة نفسها. واذ تُشاهد هذا هنا، فلا تقدرون على انكار الحشر.
وهكذا، فلكم ان تقيسوا على هذه الآية ما في الآيات الاخرى من درجة البلاغة.
فهل يمكن ـ ياترى ـ ترجمة أمثال هذه الآيات الكريمة ترجمة حقيقية؟. لاشك انها غير ممكنة.
فان كان ولابد، فإما أن تعطى معاني اجمالية مختصرة للآية الكريمة او يلزم تفسير كل جملة منها في حوالي ستة أسطر.