ﺍﻠﻤﻜﺘﻭﺒﺎﺕ | المكتوب التاسع والعشرون | 583
(577-591)

 النكتة الخامسة:
لنأخذ مثلاً، جملة قرآنية واحدة، وهي: (الحمد للّه)، فان أقصر معنى من معانيها كما تقتضيه قواعد علم النحو والبيان، هو:
(كل فرد من افرادالحمد من اي حامد صدر وعلى اي محمود وقع من الازل الى الابد خاصٌ ومستحق للذات الواجب الوجود المسمى بالله)(1).
فقولنا: (كل فرد من افراد الحمد) ناشئ من (أل) الاستغراق.
ومن (اي حامدا كان) فقد صدر من كون (الحمد) مصدراً، فيفيد العموم في مثل هذا المقام، لأن فاعله متروك.
(وعلى اي محمود وقع) يفيد العموم والكلية، في مقام الخطاب، لترك المفعول.
أما (من الازل الى الابد)، فيفيده الدوام والثبات، حسب قاعدة انتقال الجملة الفعلية الى جملة اسمية.
وان لام الجر في (لله) تفيد معنى (خاصاً ومستحقاً) لأن تلك اللام للاختصاص والاستحقاق.
اما (للذات الواجب الوجود المسمى بالله) فان لفظ (الله) يدل دلالة التزامية على (الواجب الوجود) لأنه لفظ جامع لسائر الاسماء والصفات، وانه الاسم الاعظم، ولان (واجب الوجود) لازم ضروري للالوهية وهو عنوان لملاحظة الذات الجليلة.
فلئن كان أقصر المعاني الظاهرية لجملة (الحمدلله) على هذه الصورة، كما اتفق عليها علماء اللغة العربية، فكيف بترجمة القرآن الكريم الى لغة أخرى بنفس الاعجاز والقوة نفسها؟
ثم ان هناك لغة فصيحة واحدة فقط من بين ألسنة العالم ولغاته مما 

-------------------
(1) جاءت هذه العبارة باللغة العربية في النص.

لايوجد صوت