ﺍﻠﻤﻜﺘﻭﺒﺎﺕ | المكتوب التاسع والعشرون | 586
(577-591)

عبوديتها وواجبات شكرها. ورأيت أن اللطيفة الربانية التي هي في تلك الدائرة في قلبي تردد: ﴿ايّاك نعبد وإيّاك نستعين﴾ باسم هذه الجماعة، مثلما ردّدها لساني بنية الجماعتين العظيمتين الأوليين.
والخلاصة: أن (نون) (نعبد) تشير الى هذه الجماعات الثلاث وتدل عليها.
وبينما أنا في هذه الحالة؛ إذا بالشخصية المعنوية المباركة لمبلّغ القرآن الكريم قد تمثلت أمامي بعظمته ووقاره.. وهو y على منبره المعنوي (المدينة المنوّرة). وأسمع منه - كما سمع غيري - خطاباً إلهياً موجهاً..
﴿يا أيُّها الناس اعبدوا ربكم..﴾(البقرة: 21) فرأيت خيالاً أن كل مَن في تلك الجماعات الثلاث يتجاوب مثلي مع ذلك الخطاب الرباني العظيم قائلاً: ﴿إيّاك نعبد﴾.
وهناك تمثلت حقيقة أخرى أمام الفكر، حسب قاعدة: (إذا ثبت الشئ ثبت بلوازمه) وهي:
ما دام رب العالمين قد اتخذ الانسان مخاطباً له، فيتكلم مع جميع الموجودات، وان هذا الرسول الكريم y قد قام بتبليغ ذلك الخطاب الرباني الجليل الى جميع البشر بل الى جميع ذوي الشعور، والى جميع ذوي الارواح، فلابد ان الماضي والمستقبل معاً قد اصبحا بحكم الزمن الحاضر، وغدت البشرية كافة مجلساً واحداً وجماعة واحدة في صفوف مختلفة متنوعة، حيث الخطاب موجه اليهم جميعاً.
هناك بدا لي أن كل آية من آيات القرآن الكريم في قمة البلاغة ومنتهى الجزالة، وفي غاية الاعجاز الذي يشع نوره الساطع، حيث أن الآية تكسب علوّها وسموّها وقوتها لصدورها: من ذلك المقام السامي الرفيع الذي لا نهاية لعظمته، ولا غاية لسعته ولا منتهى لسموه، من ذي الجلال والعظمة المطلقة، من المتكلم الازلي جل جلاله..
ومن مبلّغها الذي هو في مقام المحبوبية العظمى صاحب المنزلة

لايوجد صوت