ﺍﻠﻤﻜﺘﻭﺒﺎﺕ | المكتوب التاسع والعشرون | 587
(577-591)

الرفيعة والدرجة العالية. ومن توجهها الى المخاطبين الذين هم في منتهى الكثرة والأهمية والتباين.
لذا، تحقق عندي؛ انه ليس القرآن كله معجزة، بل كل سورة من سوره معجزة، وكل آية من آياته معجزة بل حتى كل كلمة فيه بحكم معجزة.
لذا قلت (الحمدلله على نعمة الايمان والقرآن).
وبهذا خرجت من ذلك الخيال الذي هو عين الحقيقة، كما دخلت فيه من (ن) نعبد، وفهمت أنه: ليست آيات القرآن ولا كلماتها معجزة وحدها، وانما كذلك حروف القرآن - كما في (ن) نعبد - هي مفاتيح نورانية لحقائق عظمى.
وبعدما خرج القلب والخيال من (ن) نعبد قابلهما العقل قائلاً:
- انني أطالب بحظي ونصيبي مما انتم فيه، فلا اتمكن من التحليق مثلكم، ولا استطيع السير الا باقدام الادلة والحجج.. اروني ما في (نعبد) و (نستعين) من الطريق الموصل الى (المعبود الحقيقي) و (المستعان الحقيقي) حتى أتمكن من مرافقتكم.
وعندها خطر للقلب أن:
- قل لذلك العقل الحائر أن يتأمل في جميع موجودات العالم سواءً منها الحي وغير الحي. فلكلٍ منها عبودية على شكل وظيفة من الوظائف على وفق نظام دقيق، وضمن اطاعة تامة.
ومع أن قسماً من تلك الموجودات دون شعور واحساس؛ فانه ينجز اعماله ووظائفه في غاية العبودية والنظام والشعور.
اذن لابدّ أن معبوداً حقيقياً وآمراً مطلقاً، يسخّر هذه الموجودات ويسوقها الى العبودية.
وقل له ليتأمل كذلك في جميع الموجودات ولاسيما الاحياء منها، فلكل منها حاجات كثيرة متنوعة، ولكلٍ منها مطاليب عدة ومختلفة لأدامة حياتها وبقاء نوعها. وبينما لا تصل أيديها الى أبسط تلك الحاجات والمطاليب، وليست هي في طوقها.. إذا بنا نشاهد أن تلك المطاليب التي لا تحد، تأتيها رغداً من كل مكان، بل تأتيها في أفضل

لايوجد صوت