ﺍﻠﻤﻜﺘﻭﺒﺎﺕ | القسم السادس | 626
(621-645)

قلت: ان احتمال الغرق الذي استحوذ على ذهنك، واثار فيك الخوف، هو احتمال واحد من بين ثلاثمائة وستين ألف احتمال. فالذي يخاف من هذا الاحتمال لايعدّ انساناً ولاحيواناً!
ثم قلت له: تُرى كم تقدّر ان تعيش بعد الآن؟
قال: انا شيخ كبير، ربما اعيش عشر سنوات اخرى!
قلت: ان احتمال الموت واقع في كل يوم، حيث الأجل مخفيٌ عنا. لذا فهناك احتمال الموت في كل يوم، اي لك ثلاثة آلاف وستمائة احتمالٍ للموت. فليس امامك اذن احتمال واحد من بين ثلاثمائة ألف احتمال ـ كما في الزورق ـ وانما احتمال من بين ثلاثة آلاف احتمال فلربما يقع الاحتمال هذا اليوم. فما عليك اذن الاّ الهلع والبكاء، وكتابة وصيتك!
اثّر هذا الكلام فيه وآب الى رشده، فركبّته الزورق وهو يرجف، قلت له ونحن في الزورق :
ان الله سبحانه وتعالى قد منحنا الشعور بالخوف لنحفظ به الحياة، لالهدم الحياة وتخريبها، ولم يمنحنا هذا الشعور لنجعل الحياة أليمة ومعضلة ومرهقة. فان كان الخوف ناشئاً من احتمالين او ثلاثة بل حتى من خمسة او ستة احتمالات فلابأس به، فلربما يعدّ ذلك خوفاً مشروعاً من باب الحيطة والحذر. اما إن كان الخوف ناشئاً من احتمال واحد من بين عشرين او اربعين احتمالاً فليس هذا خوفاً، وانما وهمٌ يستولي على الانسان ويجعل حياته عذاباً وشقاءً.
فيا اخوتي! اذا ما هجم عليكم مهرجو اهل الضلالة والمتزلفون لاهل الالحاد ليرهبوكم ويجعلوكم تتخلون عن جهادكم المعنوي المقدس، قولوا لهم:
نحن حزب القرآن، نحتمي بقلعة القرآن العظيم الحصينة، والقرآن العظيم محفوظ يحفظه الرب الكريم بقوله تعالى ﴿إنّا نَحنُ نَزّلنا الذِكرَ وإنّا لَهُ لحَافِظون﴾ (الحجر:9) فلقد احاطنا سور عظيم هو سور﴿حَسبُنا الله ونِعمَ الوَكيلُ﴾(آل عمران :173) فلن تستطيعوا ان تدفعونا ـ باختيارنا ـ الى

لايوجد صوت