ﺍﻠﻤﻜﺘﻭﺒﺎﺕ | القسم السابع | 650
(646-660)

التي بيّنها صاحب الشريعة. والدساتير التي هي (المحكمات) والتي تسمى بالضروريات الدينية، فلا تقبل التأويل، ولا التبديل قطعاً بأي صورة كانت من الصور، ولن تكون موضع اجتهاد ابداً. فمن بدّلها فقد خرج على الدين وكان ضمن القاعدة: (يمرقون من الدين كما يمرق السهم من القوس).
ان اهل البدع لأجل تبرير الحادهم، وخروجهم على الدين يجدون هذه الوسيلة، اذ يقولون: لقد شُنّ هجوم على القسس والرؤساء الروحانيين ومذهب الكاثوليكية، الذي هو مذهبهم الخاص، وتم تخريب هذا المذهب في احداث الثورة الفرنسية التي أدت الى سلسلة من حوادث في عالم الانسانية. ثم استصوب هجومهم هذا من قبل الكثيرين، وترقى الافرنج بعد ذلك كثيراً!
الجـواب: ان الفرق في هذا القياس ـ كسابقه ـ فرق ظاهر جداً، لان النصرانية، ولاسيما مذهب الكاثوليك قد استغله رجالات الدولة وخواص الناس كأداة للتحكم والاستبداد. فكان الخواص يديمون نفوذهم على العوام بتلك الوساطة. حتى أصبحت وسيلة لسحق اصحاب الهمم والحمية من العوام الذين كانوا يطلق عليهم اسم؛ (الفوضويين والدهماء)، وباتت وسيلة لسحق المفكرين من دعاة الحرية الذين كانوا يتصدون لاستبداد الخواص ومظالمهم. بل قد عُدّ ذلك المذهب هو السبب في سلب راحة الناس وبث الفوضى في الحياة الاجتماعية، بسبب الثورات التي حدثت في بلاد الافرنج طوال ما يقارب اربعمائة سنة، لذا هوجم ذلك المذهب باسم مذهب آخر للنصرانية لاباسم الالحاد. ونما السخط والعداء عليه لدى طبقة العوام ولدى الفلاسفة، حتى وقعت تلك الحادثة التاريخية المعروفة.
بينما في الاسلام، لايحق لأي مظلوم كان، ولا لأي مفكر كان ان يشكو من الدين المحمدي (على صاحبه الصلاة والسلام) والشريعة الاسلامية، لان هذا الدين لايسخطهم بل يحميهم، وهذا تاريخ الاسلام بين ايدينا، فلم تحدث صراعات دينية طوال التاريخ سوى حادثة او حادثتين. بينما سبّب المذهب الكاثوليكي ثورات داخلية دامت اربعمائة

لايوجد صوت