ﺍﻠﻤﻜﺘﻭﺒﺎﺕ | القسم السابع | 651
(646-660)

سنة.
ثم ان الاسلام قد اصبح حصناً حصيناً للعوام اكثر منه للخواص، اذ لايجعل الخواص مستبدين على العوام بل يجعلهم خادمين لهم ـ من جهة ـ وذلك بوجوب الزكاة وتحريم الربا. اذ يقول :
(خير الناس أنفعهم للناس)(1) .. (سيد القوم خادمهم)(2).
فضلاً عن انه يستشهد العقل وينبهه باحالة كثير من الامور ـ في القرآن الكريم ـ الى العقل، ويحثه على التدبر والملاحظة. بقوله تعالى :
[أفلا يتفكرون.. أفلا يتدبرون.. أفلا تعقلون] فيمنح لأهل العلم وارباب الفكر والعقل بهذا مقاماً رفيعاً باسم الدين ويوليهم اهمية خاصة، فلا يعزل العقل، ولايحجر على عقول اهل الفكر ويكمم أفواههم، ولايطلب التقليد الاعمى، كما هو في المذهب الكاثوليكي.
ان اساس النصرانية الحاضرة - لا النصرانية الحقة - واساس الاسلام يفترقان في نقطة مهمة، لذا يسلك كل منهما طريقاً مغايرةً لطريق الآخر في كثير من الجهات الشبيهة بالفروق السابقة. وتلك النقطة المهمة هي:
ان الاسلام دين التوحيد الخالص، يسقط الوسائط والاسباب عن التأثير ويهوّن من شأن أنانية الانسان، مؤسساً العبودية الخالصة لله وحده. فيقطع دابر كل نوع من انواع الربوبيات الباطلة، ويرفضها رفضاً باتاً بدءاً من ربوبية النفس الامارة. لذا لو اصبح أحد الخواص متقياً، لاضطر الى ترك الانانية والغرور. ومن لم يترك الانانية والغرور يتراخ في التدين، بل يدع قسماً من امور الدين. 

---------------------
(1) رواه القضاعي عن جابر كما في الجامع الصغير، وفي احاديث ما يشهد له كحديث: الخلق عيال الله واحبهم الى الله انفعهم لعياله. (باختصار عن كشف الخفاء 1/393)ــ المترجم.
(2) رواه ابو عبد الرحمن السلمي في آداب الصحبة، ورواه الخطيب، واخرجه الدليمي، ورواه الطبراني ما بمعناه.. فالحديث ضعيف كما علمت، على انه قد يقال انه حسن لغيره لتعدد طرقه كما مر فتدبر (باختصار عن كشف الخفاء) (2/463). - المترجم.

لايوجد صوت