ﺍﻠﻤﻜﺘﻭﺒﺎﺕ | القسم السابع | 653
(646-660)

 الاشـارة الثـالثــة: يـقـول اهــل الـبـــدع: لـقـد أخـرّنا هـذا التعــصــب الدينــي عــن ركب الحضارة. وان مواكبة العصر بترك التعصب، ولقد تقدمت اوروبا بعد تركها التعصب.
الجواب: انكم مخطئون، وقد انخدعتم، وغُرّر بكم، او تغررون بالناس وتخدعونهم.
ان اوروبا متعصبة بدينها، فلو قلت لشخص بلغاري اعتيادي او لجندي انكليزي، او لشخص سفيه فرنسي: إلبس العمامة، او تلقى في السجن. لقال لك بمقتضى تعصبه: انني لااُهين ديني، ولاأحقر أمتي بمثل هذه الاهانة والتحقير حتى لو قتلتموني.
ثم ان التاريخ شاهد على ان المسلمين ما تمسكوا بدينهم الاّ وترقوا بالنسبة لذلك الزمان، وما أهملوا الدين الاّ تدنوا. بينما النصرانية خلاف هذا. وهذا ايضاً ناشئ من فرق اساسي بينهما.
ثم ان الاسلام لايقاس بغيره من الاديان، لان المسلم اذا انخلع عن الاسلام فلا يؤمن بعدُ بأيّ نبي آخر، بل لا يقرّ بوجوده تعالى، بل لايعتقد بشئ مقدس اصلاً، ولا يجد في وجدانه موضعاً ليكون مبعث الفضائل. اذ يتفسخ وجدانه كلياً. ولأجل هذا فالمرتد عن الاسلام ليس له حق الحياة لتفسخ وجدانه ولأنه يكون كالسم القاتل للمجتمع، بينما الكافر المحارب ـــ في نظر الاسلام ـــ له حق الحياة، فان كان في الخارج وعاهد أو في الداخل وأعطى الجزية. فان حياته مصانة في الاسلام.
اما الملحد من النصارى فيستطيع ان يظل نافعاً للمجتمع، اذ يقبل بعض المقدسات ويؤمن ببعض الانبياء، ويكون مؤمناً بالله من جهة.
فاي مصلحة ياترى يجنيها اهل البدعة - هؤلاء، بل الاصوب اهل الالحاد - في الخروج على الدين؟ فان كانوا يرومون منه أمن البلاد واستتباب النظام فيها، فان ادارة عشرة من الملحدين السفلة الذين لايؤمنون باللّه، ودفع شرورهم أصعب بكثير من ادارة ألف من

لايوجد صوت