ﺍﻠﻤﻜﺘﻭﺒﺎﺕ | القسم التاسع | 674
(661-687)

يكون هذا الحب في الله ولله، فيربط قلبه به من حيث كونه مرآة لتجلي اسمائه الحسنى.
ان مثل هذا الحب بالمعنى الاسمي لا يكون وسيلة لحب الله، بل ستاراً من دونه. بينما الحب بالمعنى الحرفي اي بسبب من حب الله، فانه يكون وسيلة الى زيادة حب الله، بل يصح القول انه تجل من تجلياته سبحانه.
النقطة الثالثة:
ان الدنيا هي دار العمل ودار الحكمة، وليست داراً للمكافأة والجزاء. فجزاء الاعمال والبر الذي يحصل هنا يكون في الحياة البرزخية والدار الاخرة، فتؤتي هناك اكلها وثمراتها. فما دامت الحقيقة هكذا يجب عدم المطالبة بثمرات الاعمال الاخروية وجزائها في هذه الدنيا، ولو اعطيت يجب اخذها وقبولها من يد الرب سبحانه بفرح مشوب بالحزن، وسرور ممزوج بالأسى، وليس بفرح وسرور خالصين، ذلك لانه ليس من الحكمة تناول ثمرات الاعمال - التي لن تنفد عند تناولها في الجنة - في مثل هذه الحياة الفانية، اذ يشبه ذلك العزوف عن مصباح خالد النور والاضاءة والتعلق بمصباح لا يتوهج نوره الا دقيقة ثم ينطفئ!
وبناء على هذا السر الدقيق - اي انتظار الاجر في الحياة الآخرة - فان الاولياء يستعذبون مشاق الاعمال ومصاعبها والمصائب والبلايا، فلا يشكون ولا يتذمرون.
بل لسانهم دائماً وابداً يردد: الحمدلله على كل حال. واذا وهب الله لهم كرامة او كشفاً او نوراً او ذوقاً فانهم يتناولونه بأدب جم ويعدونه التفاتاً وتكرماً منه سبحانه اليهم، فيحاولون ستر الكرامة واخفاءها ولا يظهرونها ولا يفاخرون بها، بل يسارعون الى زيادة شكرهم وتعميق عبوديتهم، وكثيرون منهم يجأرون الى الله ان يحجب هذه الاحوال عنهم ويحجبهم عنها ويتمنوا ذهابها واختفاءها خوفاً من ان يتعرض الاخلاص في عملهم للخلل.

لايوجد صوت