ﺍﻠﻤﻜﺘﻭﺒﺎﺕ | القسم التاسع | 676
(661-687)

انه من الخطأ توهم ما يظهر من الشريعة للعوام هو حقيقة الشريعة، واطلاق اسم (الحقيقة) و(الطريقة) على مرتبة الشريعة المنكشفة للخواص.
فالشريعة لها مراتب متوجهة الى جميع طبقات البشر.
وبناء على هذا السر، فان اهل الطريقة، واصحاب الحقيقة كلما تقدموا في مسلكهم وارتقوا في معارجهم، وجدوا انفسهم منجذبين اكثر الى الحقائق الشرعية، متبعين لها، مندرجين ضمن غاياتها ومقاصدها. حتى انهم يتخذون ابسط انواع السنة النبوية الشريفة كأعظم مقصد وغاية، ويسعون الى اتباعها وتقليدها.
لانه بمقدار سمو الوحي وعلوه على الالهام، فالآداب الشرعية التي هي ثمرة الوحي هي اسمى واعلى من آداب الطريقة التي هي ثمرة الالهام، لذا فان اهم اساس للطريقة هو اتباع السنة النبوية المطهرة.
النكتة الثانية:
ينبغي الا تتحول الطريقة والحقيقة من كونهما وسيلتين الى غايتين بحد ذاتهما (تستحوذان على قلب السالك وفكره ووجدانه). فاذا اصبحتا - الطريقة والحقيقة - مقصودتين بالذات، فان الاعمال الشرعية المحكمة، وآداب السنة السنية، تنحسر حتى تأخذ الدرجة الثانية من الاهتمام لدى السالك، وتصبح صورية شكلية بانشغال القلب بالتوجه الى آداب الطريقة ورسومها. اي ان المرء - عندئذِ - يفكر بحلقة الذكر اكثر من تفكيره بالصلاة، وينجذب الى اوراده اكثر من انجذابه الى الفرائض، ويلزم نفسه بتجنب مخالفة آداب الطريقة اكثر من التزامه بتجنب الكبائر، والحال ان اداء فريضة واحدة التزاماً بالاوامر الشرعية لا يمكن ان توازيها اوراد الطريقة او تحل محلها.

لايوجد صوت