انكشافها انكشافاً تاماً بما يوافق اهل الارض. ثم ان رؤية منازل عالم الآخرة المستورة عنا بستار الغيب بابصارنا الدنيوية واراءتها الآخرين لا تحصل الاّ بتصغير الكون كله (اي الدنيا والآخرة)وجعلهما في حكم ولايتين. أو بتكبير عيوننا بحجم النجوم كي نعرف اماكنها ونعيّنها. فالمنازل التي تخص عالم الآخرة لا ترى بابصارنا الدنيوية. والعلم عند الله.
ولكن يفهم من اشارات بعض الروايات ان جهنم التي في الآخرة لها علاقة مع دنيانا، فقد ورد في شدة حرارة الصيف انها (من فيح جهنم)(1). فجهنم الكبرى اذن تلك النار الهائلة لا ترى بعين العقل الخافتة الصغيرة، ولكن نستطيع أن ننظر اليها بنور اسم الله (الحكيم) وذلك:
ان جهنم الكبرى الموجودة تحت المدار السنوي للارض كأنها قد وكّلت جهنم الصغرى الموجودة في مركز الارض، فتؤدي بها بعض وظائفها. وان ملك الله القدير ذي الجلال واسع جداً، فاينما وجّهت الحكمة الإلهية جهنم فهي تستقر هناك وعندها.
نعم. ان قديراً ذا جلال، وحكيماً ذا كمال، المالك لأمر (كن فيكون) الذي ربط القمر بالارض بحكمة كاملة وفق نظام، كما هو مشاهد، وربط الارض بالشمس بعظمة قدرته وفق نظام، وسيّر الشمس مع سياراتها بعظمة ربوبيته الجليلة، بسرعة مقاربة لسرعة الارض السنوية، يجريها الى شمس الشموس (بناءً على فرض) وجعل النجوم المتلألئة كالمصابيح، شواهد نورانية على عظمة ربوبيته، مظهراً بهذا ربوبية جليلة وعظمة قدرة قادرة، لا يستبعد عن كمال حكمة هذا القدير الجليل وعن عظمة قدرته وسلطان ربوبيته ان يجعل جهنم الكبرى في حكم خزان معمل الاضاءة، ويشعل بها نجوم السماء الناظرة الى الآخرة، ويمدّها منها بالحرارة والقوة، اي يبعث
(1) قال النبي y: (ابردوا بالظهر فان شدة الحرّ من فيح جهنم). رواه البخاري واحمد وابن ماجه عن ابي سعيد الخدري (كشف الخفاء: 29). - المترجم