ﺍﻠﻤﻜﺘﻭﺒﺎﺕ | المكتوب السادس عشر | 93
(87-109)

مرتين. أما الضيوف القادمون الى القرية، وهم آحاد لا يزيدون عن واحد او اثنين فكانوا يلقونني دقيقة او دقيقتين، خلال شهر، ولمسألة اخروية.. كنت على هذه الحالة من الاغتراب، وقد مُنعت عن كل الناس، عن كل شئ، وبقيت وحيداً غريباً، لا قريب لي، في قرية ليس فيها ما يلائم مكسب نفقتي. حتى انني قبل اربع سنوات، عمّرت مسجداً خرباً وقمت فيه بالامامة لاربع سنوات (نسأل الله القبول) حيث أحمل شهادة الامامة والوعظ، من بلدي. ومع هذا لم استطع الذهاب الى المسجد في شهر رمضان الفائت. فصليت احياناً منفرداً وحُرمت من ثواب الجماعة البالغ خمساً وعشرين ضعفاً.
فتجاه هاتين الحادثتين اللتين مرتا بي اظهرتُ صبراً وتحملاً مثلما اظهرتُه قبل سنتين ازاء معاملة ذلك المسؤول. وسأستمر على هذا الصبر والتحمل باذن الله.
والذي يدور في خلدي واريد أن اقوله هو:
ان العنت الذي يذيقني اياه اهل الدنيا. والاذى والتضييق عليّ منهم، ان كان تجاه نفسي القاصرة الملطخة بالعيوب فاني اعفو عنهم، لعلّ نفسي تصلح من شأنها بهذا التعذيب فيكون كفارة لذنوبها. فلئن قاسيت من اذى في هذه الدنيا المضيفة، فانا شاكر ربي، اذ قد رأيت بهجتها ومتعتها.
ولكن ان كان اهل الدنيا يذيقونني العذاب لقيامي بخدمة الايمان والقرآن، فالدفاع عن هذا ليس من شأني وانما احيله الى العزيز الجبار.
وان كان المراد من ذلك التضييق افساد توجّه الناس اليّ والحيلولة دون اقبالهم عليّ، اي للحد من الشهرة الكاذبة التي لا اساس لها، بل هي السبب في الرياء وافساد الاخلاص.. فعليهم اذاً رحمة الله وبركاته؛ لأني اعتقد ان كسب الشهرة واقبال الناس ضار لأشخاص مثلي. والذين لهم علاقة معي يعرفونني جيداً: انني لا اقبل الاحترام لنفسي، بل انفر منه، حتى ان صديقاً فاضلاً عزيزاً عليّ قد نهرته

لايوجد صوت