ﺍﻠﻤﻜﺘﻭﺒﺎﺕ | المكتوب السادس عشر | 95
(87-109)

 فاذا قيل: فكيف اذن تعيش؟
أقول: أعيش بالبركة والاكرام الإلهي. فان نفسي الامارة مع انها تستحق كل اهانة وتحقير، الا انني - في الإرزاق - احظى بالبركة التي هي إكرام إلهي يمنح كرامة من كرامات خدمة القرآن.
سأورد نماذج منها، وذلك قياماً باداء الشكر المعنوي تجاه تلك النعم التي اكرمني الله بها وعملا بالآية الكريمة ﴿وأما بنعمة ربك فحدّث﴾(الضحى:11) ولكني رغم هذا أخشى ان يداخل هذا الشكر المعنوي شئ من الرياء والغرور فتمحق تلك البركة الربانية الطيبة، اذ ان اظهار البركة المخفية بافتخار مدعاة لانقطاعها. ولكن ما حيلتي فاني اضطررت الى ذكر تلك البركة اضطراراً.
فالاول: لقد كفاني في هذه الشهور الستة الماضية ستة وثلاثون رغيفاً قد خبز من كيلة(1) من الحنطة، ولا زال الخبز باقيا، ولا أعرف متى ينفد(2).
ثانيها: في هذا الشهر المبارك شهر رمضان لم يأتني طعام الا من بيتين اثنين، وقد أمرضاني كلاهما. ففهمت من هذا انه ممنوع عليّ طعام الآخرين!. ولقد كفتني أوقية واحدة(3) من الرز وثلاثة ارغفة من الخبز بقية أيام شهر رمضان. فالصديق الصادق (عبد الله ضاويش)(4) صاحب البيت المبارك الذي يهئ لي الطعام يشهد بهذا ويخبر به، بل ان الرز قد استمر خمسة عشر يوماً آخر بعد شهر رمضان.

-----------------------------------------------

(1) كيلة: مقياس قديم للوزن والحجم وهي تساوي (40 لتراً من الحبوب) - المترجم.
(2) وقد دام سنة كاملة. - المؤلف.
(3) معيار قديم ايضاً تساوي 2182 غم. - المترجم.
(4) كان اول ساع لبريد النور، يحمل المسودات من الاستاذ النورسي ويسير الليل كله بعيداً عن عيون السلطة بين الجبال والوديان ليوصلها الى الحافظ علي لتبييضها ومن ثم يعيد المبيضات منه الى الاستاذ على الطريقة نفسها. توفي سنة 1960 عن خمس وستين سنة من العمر رحمه الله. - المترجم.

لايوجد صوت