ﺍﻠﻤﻜﺘﻭﺒﺎﺕ | المكتوب السادس عشر | 96
(87-109)

ثالثها: لقد كفتنا أنا وضيوفي الكرام أوقية واحدة من الزبد رغم تناوله يومياً مع الخبز طوال ثلاثة أشهر في الجبل. حتى كان لي ضيف مبارك وهو (سليمان) وقد أوشك خبزنا على النفاد، وكنا في يوم الاربعاء، فقلت له: اذهب الى القرية وآت بالخبز، اذ ليس حوالينا أحد حتى مسافة ساعتين لنبتاع منه. فقال: اني أرغب ان أبيت معك ليلة الجمعة المباركة على قمة هذا الجبل، لأتضرع معك الى الله.
فقلت: توكلنا على الله. اذن ابق معي.
ثم بدأنا بالسير معاً حتى صعدنا قمة جبل رغم انه لا داعي ولا مناسبة لذلك. وكان لدينا قليل من الماء مع شئ من الشاي والسكر.
قلت:يا أخي أعمل لنا قليلاً من الشاي. وبدأ بالعمل.
وجلست أنا تحت شجرة قطران أتأمل في مشاهدة واد عميق، وافكر بأسف وأسى: ليس لدينا الا كسرة من خبز متعفن ربما يكفينا كلينا هذا المساء. ولكن كيف باليومين التاليين. فماذا أقول لهذا الرجل الطيب النقي السريرة!
وبينما انا غارق في هذا اذا برأسي كأنه يدار الى الشجرة فالتفت واذا بي أرى رغيفاً كبيراً فوق شجرة القطران ينظر الينا بين اغصانها، قلت: أبشر يا سليمان فقد انعم الله سبحانه علينا برزق. فأخذنا الخبز من الشجرة وفتشنا عن أثر من آثار الحيوانات والطيور عليه. واذا به سالم من اي تعرض كان من الحيوانات. فضلاً عن انه لم يصعد هذا الجبل منذ ثلاثين يوماً أحد من الناس. فكفانا ذلك الرغيف يومين. وما أن أوشك على النفاد اذا بالرجل الصادق (سليمان)(1) الذي كان صديقاً صادقاً طوال أربع سنوات يصعد الجبل متوجهاً نحونا آتياً لنا بالخبز.
رابعها: ان هذه السترة (الجاكيت) قد اشتريتها مستعملة قبل سبع سنوات. وكفت أربع ليرات ونصف الليرة: لمصاريف خمس سنوات

------------------------------------------------------

(1) هو سليمان كروانجي من السابقين في خدمة الايمان، كان مثالاً للصدق والوفاء والاخلاص. توفي سنة 1965. رحمه الله. - المترجم.

لايوجد صوت