ﺍﻠﻤﻜﺘﻭﺒﺎﺕ | المكتوب التاسع عشر | 174
(163-327)

كثيرين. فالحادثة اذن بشكلها المطلق متواترة معنىً، وهي تفيد اليقين، ولا تضرّ بها صور الاختلاف. وفي بعض الاحيان يفيد خبر الآحاد ضمن بعض الشروط حكم القطعي كقطعية التواتر، وقد يفيد القطعية احياناً تحت امارات خارجية.

وهكذا، فالقسم الأعظم مما نقل الينا من دلائل النبوة ومعجزات الرسولy هو: بالتواتر الصريح أو المعنوي أو السكوتي، وقسم منها بخبر الآحاد، الاّ انه ضمن شروط معينة ممحّصة اُخذ وقُبل من قبل أئمة الجرح والتعديل من أهل الحديث النبوي فاصبحت دلالته قطعية كالتواتر. ولاشك اذا ما قبل بصحة خبر الآحاد محدِّثون  محققون  من أصحاب الصحاح الستة  وفي مقدمتهم البخاري ومسلم وهم الحفاظ الجهابذة الذين كانوا يحفظون ما لا يقل عن مائة ألف حديث، واذا ما رضى به ألوف من الأئمة العلماء المتقين، ممن يصلون صلاة الفجر بوضوء العشاء زهاء خمسين سنة من عمرهم. أقول: اذا ما قَبِل هؤلاء بصحة خبر الآحاد، فلا ريب اذاً في قطعيته ولا يقلّ حكمُه عن التواتر نفسه.

نعم، ان علماء علم الحديث ونقّاده قد تخصصوا في هذا الفن الى درجة انهم اكتسبوا مَلَكَةً في معرفة سمو كلام الرسول y وبلاغة تعابيره، وطراز افادته، فاصبحوا قادرين على تمييزه عن غيره، بحيث لو رأوا حديثاً موضوعاً بين مائةٍ من الأحاديث لرفضوه قائلين: هذا موضوع!. هذا لا يمكن ان يكون حديثاً شريفاً! فقد أصبحوا كالصيارفة الـبـارعين الأصـلاء يـعرفون جوهـر الحديث النــبوي من الدخيل فيه.

بيد ان قسماً من المحققين قد أفرط في نقد الحديث كابن الجوزي الذي حكم على أحاديث صحيحة بالوضع(1). علماً أن (الموضوع)


(1) راجع اقوال الائمة الحفاظ كالسيوطي والسخاوي وابن صلاح وابن تيمية واللكنوي وغيرهم حول افراط ابن الجوزي في كتابه (الموضوعات) وتحامله فيه تحاملاً كثيراً حتى انه ادرج فيه كثيراً من الاحاديث الصححية، في كتاب (الاجوبة الفاضلة للاسئلة العشرة الكاملة لعبد الحي اللكنوي وتحقيق عبد الفتاح ابو غدة) في الصفحات: 80، 120، 163، 170 وكذا في كتاب (الرفع والتكميل) ص 50ــ 51).

لايوجد صوت