الحرب والدمار ويلقون أنفسهم واموالهم واهليهم الى التهلكة ويَدَعون طريق المعارضة القصيرة السهلة. اذن فالمعارضة غير ممكنة وليست في طوق البشر. اذ هل يمكن لعاقل فطن - ولا سيما اهل الجزيرة العربية ولا سيما قريش الاذكياء - ان يعرّض نفسه وماله واهله للخطر ويختار طريق الحرب والدمار ان كان باستطاعته سلوك طريق المعارضة ولو بسورة من القرآن من اديب منهم، فينقذ نفسه وماله من التحدي القرآني، ان كان إتيان مثله سهلاً ميسوراً؟
وحاصل الكلام: ما قاله الجاحظ: لمّا لم يمكن المعارضة بالحروف اضطروا الى المقارعة بالسيوف.
فإن قيل:
لقد قال بعض العلماء المحققين: (لا يمكن معارضة أية آية من آيات القرآن الكريم ولا جملة منها ولا كلمة منها، فكيف بالسورة؟ ولم يبرز أحد في ميدان المعارضة. أي لم يعارض القرآن اذن). ونرى ان في هذا الكلام مجازفة ومبالغة لا يقبلها العقل، لأن هناك كثير من الجمل في كلام البشر يشبه جمل القرآن وعباراته. اذن فما معنى هذا القول، وما حكمته؟
الجواب:
هناك مذهبان في بيان اعجاز القرآن:
المذهب الأول: وهو الغالب والراجح وهو مذهب الاكثرية من العلماء وهو ان لطائف بلاغة القرآن ومزايا معانيه هي فوق طاقة البشر.
اما المذهب الثاني: وهو المرجوح فهو ان معارضة سورة واحدة من القرآن ضمن طاقة البشر، إلاّ أن الله سبحانه قد منعها عن الخلق، ليكون القرآن معجزة الرسول y ، ويمكن ان يوضح هذا بمثال:
ان قيام الانسان وقعوده ضمن قدرته ونطاق استطاعته، فاِن قال نبيٌ كريم لشخصٍ ما: لا استطعتَ من القيام، اظهاراً للمعجزة، ولم يستطع الشخص من القيام فعلاً، فقد وقعت المعجزة.
يطلق على هذا المذهب المرجوح: مذهب الصَرفة. اي أن الله