ﺍﻠﻤﻜﺘﻭﺒﺎﺕ | الـمبحث الرابع | 488
(470-496)

سؤال مهم: يقول بعض اهل العلم والتحقيق:
لما كانت الالفاظ القرآنية، والاذكار المأثورة، والتسبيحات الواردة، تنور شتى جوانب اللطائف المعنوية للانسان وتغذيه روحياً، الا يكون من الافضل ان يصوغ كل قوم تلك الالفاظ وفق لسانهم الخاص حتى تفهم معانيها؟ اذ الالفاظ وحدها لا تفي بالغرض المطلوب إذ هي في حقيقتها ألبسة وقوالب للمعاني؟
الجواب: ان الفاظ الكلمات القرآنية، والتسبيحات النبوية، ليس لباساً جامداً يقبل التبديل والتغيير وانما مثله مثل الجلد الحي للجسد، بل انها اصبحت فعلاً جلداً حياً بمرور الزمن، ولا جدال في ان تبديل الجلد وتغييره يضر الجسم.
ثم ان تلك الكلمات المباركة في الصلاة، والذكر، والاذان، اصبحت إسما و عَلَما لمعانيها العرفية والشرعية ولا يمكن تبديل الاسم والعلَم.
ولقد توصلتُ الى هذه الحقيقة، بعد التأمل والامعان في حالة مرت عليَّ، وهي:
عندما كنت أقرأ يوم عرفة سورة الاخلاص مائة مرة مكرراً اياها باستمرار لاحظت:
ان قسماً من حواسي الروحية اللطيفة، بعدما اخذت غذاءها بالتكرار قد ملت وتوقفت؛ وان قوة التفكير فيّ قد توجهت الى المعنى، فأخذت حظها، ثم توقفت وملّت. وان القلب الذي يتذوق المعاني الروحية ويدركها، هو ايضاً قد سكت، بعدما اخذ نصيبه من التكرار.
بينما بالمواظبة والتكرار المستمر على القراءة رأيت ان قسماً من اللطائف في الكيان الانساني لا يمل بسرعة، فلا تضره الغفلة التي تضر قوة التفكير، بل انه يستمر ويداوم في اخذ حظه بحيث لا يدع حاجة الى التدقيق والتفكر في المعنى، اذ يكفيه المعنى العرفي الذي هو اسمٌ وعلَم، ويكفيه اللفظ والمعنى الاجمالي لتلك الالفاظ الغنية

لايوجد صوت