خامساً: اما الدليل على الطريق، فهو القرآن لأمثالك ممن انضووا تحت نور القرآن ولوائه. فانظر الى المقطعات الموجودة في اوائل السور كـ(الم. و الر. و حم) واعلم منها وشاهد: ماأعظم القرآن من كتاب، وماأرجاه من شفيع، وما أصدقه من دليل، وما أقدسه من نور!
سادساً: اما ثياب اهل الجنة وجهنم فقد وضحته (الكلمة الثامنة والعشرون) والدستور الذي ذكر فيما يخص سبعين حُلّة للحور العين جارٍ هنا ايضاً، وذلك ان انساناً من اهل الجنة لاشك يرغب في ان يتنعم بكل نوع من انواع لذائذ الجنة، وفي كل وقت وآن. ومعلوم ان في الجنة نعيماً ولذائذ في منتهى الاختلاف والانواع، فهو يعاشر جميع تلك الانواع من النعم، وفي كل وقت، لذلك يلبس ويُلبس حورَه نماذج حسن الجنة ونعيمها بمقياس مصغر، فيكون هو وحوره العين بمثابة جنة مصغرة.
اذ كما يجمع الانسان في حديقة بيته الازاهير المنتشرة في تلك البلدة، او كما يجمع صاحب حانوت مالديه من انواع البضائع في لائحة وقائمة. وكما يقتني الانسان ملابسه واثاث بيته من انواع المخلوقات التي يتصرف فيها، وله علاقة معها، وكذلك الذي هو من اهل الجنة، ولاسيما الذي عَبَد الله بجميع مشاعره وحواسه سيلبسه الله سبحانه برحمته، ويُلبس حوره العين، حللاً، تظهر كل نوع من انواع جمال الجنة ونعيمها وأذواقها بما يُشبع كل رغبة من رغباته، ويُرضى كل حاسة من حواسه، ويُمتّع كل جهاز من أجهزته، ويُسهّل له تذوق كل لطيفة من لطائفه.
والدليل على ان تلك الحلل المتعددة ليست من جنس واحد ولامن نوع واحد هو الحديث الشريف الوارد بهذا المعنى: ان الحور العين يلبسن سبعين حُلة ويرى مخ عظامهن من تحتها(1).
بمعنى انه ابتداءً من أعلى حلّة من تلك الحلل الى أدناها هناك
----------------------
(1) حديث: (ان المرأة من الحور العين ليرى مخ ساقها من وراء اللحم والعظم ومن تحت سبعين حلة) رواه الطبراني في الكبير (8864) عن عبدالله بن مسعود والترمذي (2533) والسيوطي في الدر المنثور (7/712).. وفي الباب احاديث كثيرة خرّجنا منها في (الكلمات). - المترجم